من المعروف أن التطور عبر الاصطفاء الطبيعي يلعب دورًا هائلًا في الطبيعة والمختبر. ففي المختبر، يمكن البدء من إنزيم يشمل عددًا من الطفرات العشوائية والاصطفاء الوظيفي، والقيام بتحسين أدائه أكثر من 1000 ضعف عبر تطور مخبري laboratory evolution. فالتطور المخبري قد ساهم في تطوير طيف واسع من العلاجات من الأدوية التي تمنع تكرار النوبات القلبية (محصرات بيتا beta blockers)، إلى تطوير أجسام مضادة مقاومة للأورام. لكن التطور لا يحصل إلا على أصل موجود، فما الذي أشعل البداية من العشوائية قبل أكثر من ثلاثة مليارات عام؟
قام باحثون من معهد موناش لاستكشاف الطب الحيوي Monash Biomedicine Discovery Institute بالتعرف على ما أسموه «عناصر سعة هيكلية» Structural Capacitance Elements توجد في الپروتينات المتطفرة التي ترتبط بالعديد من الأمراض التي تصيب البشر، ولا سيما السرطانات. وتمثل عناصر السعة الهيكلية مناطق عدم انتظام متموضعة محليًا localized، قد تتكتل لتصير هيكلًا صغرويًا microstructure عند دخول طفرة عليها. ذلك أنها تتصرف كما لو كانت بذرة ينبني التطور عليها، فتلعب دور أساس لآلية مسرَّعةمن التطور الدارويني عبر الاصطفاء الطبيعي تضيف إلى عملية التطور الدارويني التراكمي التقليدية.
تم نشر الاكتشاف في مجلة الأحياء الجزيئية Journal of Molecular Biology. ويقول الأستاذ آشلي باكل Ashley Buckle، أحد القائمين على هذا البحث:
حتى الآن، كان الاعتقاد السائد في أوساط علماء الأحياء الهيكلية أن الطفرات المتورطة في المرض تفعل فعلها عبر تخريب هياكل الپروتينات، وهو النموذج الذي يعرف بفقدان الوظيفة الهيكلية loss-of-structure-function. ولكن اكتشف مؤخرًا أن أكثر من 40 في المئة من الپروتينات ليس لها هيكل محدد على الإطلاق، مما حدا بنا إلى طرح سؤال مغاير، ولقلب المعتقد السائد على رأسه.
فقام الفريق بتحليل العديد من هذه الطفرات المرتبطة بالمرض ووجدوا أن «عناصر السعة الهيكلية» هذه قد تسمح للطفرات بإحداث «اكتساب وظيفي» gain-of-function عبر حث هيكل لينشأ حيث لم يكن موجودًا قبل ذلك. ويكمل قائلًا:
أدركنا أن لعملنا منطويات متنوعة، لا تقتصر على إلقاء الضوء على تطور هيكليات الپروتينات، فهو يعطي القدرة على إدراك إمكانات هندسة پروتينات تملك قدرة عالية على التطور وتمييز واستهداف حاتمات epitopes المرض البشري، ذلك أن فهم ما إذا كانت الطفرة ستؤدي إلى تغيير في شكل الپروتين وكيفية ذلك هي أمور محورية في استهداف ذلك الپروتين لأجل استخدامه دوائيًا للتعرف على المنطقة المتطفرة.
نقلًا عن Phys.org
