أعلن ناشطون عن اليوم العالمي للادينيين الناطقين بالعربية ليكون 22 فبراير شباط، وقد تم التمهيد لذلك اليوم عبر إطلاق موقع مخصص ليكون بؤرة تظاهرة «رقمية» يسجل فيها المتظاهرون وجودهم عبر إدخال بيانات تتعلق بالموقع الذي يشاركون منه. وقد تم الترويج عن المظاهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر حملة استعملت الهاشتاغات #22feb22 #نحن_هنا

في سياق التعريف، والهدف من المظاهرة وأسباب اختيار يوم 22 فبراير شباط، يذكر موقع الحملة ما يلي:

من نحن؟

نحن مجموعة من اللادينيين الناطقين بالعربية، ونحلم بغد أفضل في أوطاننا لا نضطر فيه لإخفاء قناعاتنا الفكرية. اجتمعنا هنا على كلوب هاوس ولا يجمع بيننا أي شيء خارج الكلوب هاوس إلا حلمنا بغذ أفضل للجميع من لا دينيين ودينيين.

ما الهدف من هذه المظاهرة؟

لطالما كان ملف اللادينيين من الملفات الشائكة في العديد من الدول وبالأخص في الدول العربية؛ ويتم تناوله بطريقة غير دقيقة وغير عادلة بدايةً من الطرح والتعاريف، مرورًا بالتهويل والتشويه، وانتهاءً بالأرقام المعتمدة على إحصاءات غير دقيقة، وتقديرات حكومية غير موثوق بمنهجيتها.

لهذه الأسباب ولغيرها من الأسباب الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان الأساسية، بادر مجموعة من اللادينيين الناطقين بالعربية بالدعوة ليوم عالمي للادينيين الناطقين بالعربية؛ ليعربوا فيه عن أنفسهم تحت وسم #نحن_هنا في يوم #22Feb22 وذلك عبر مظاهرة افتراضية رقمية، تتم فقط عبر الدخول إلى موقع إلكتروني يقوم باحتساب أعداد كل من يدخل للموقع، ومن ثم يعكس الموقع مباشرةً أعداد من يدخلون على شكل أرقام (عدّادات) على الصفحة الرئيسية حسب الدولة التي دخلت منها أو اخترتها. وبنهاية يوم 22 فبراير 2022، سيتوقف الموقع تلقائيًا عن احتساب أعداد من يدخلون وسيكتفي بإظهار الأعداد الكلية لمن دخلوا حسب دولتهم.

لماذا يوم 22 فبراير 2022؟

رمزية رقم 2 ضد التوحيد والتثليث، وتاريخ مميز، وتم اختياره والتصويت عليه من قبل جمهور من اللادينيين الذين حضروا غرفة مفتوحة لمناقشة الموضوع في تطبيق Clubhouse.

كانت بدايات النجمع الذي تمخضت عنه الحملة قد بدأ على منصة كلوب هاوس, وقد ظهر ڤيديو ترويجي كجزء من الحملة على اليوتيوب:

كنوع من الرد على الحملة بشكل استباقي تعرض موقع الحملة لهجوم أدى إلى إبطائه مما حدا بالقائمين عليه إلى تمديد مدة التصويت لتعويض الوقت الضائع، هذا بالإضافة لتعرض بعض حسابات للقائمين على الحملة للحجب بسبب البلاغات الكثيفة. وقد قامت عدد من المنصات الإخبارية بتغطية الحملة مثل الحرة، ولو فيغاروا، والعربي الجديد، والبوابة وميديالاين، وغيرها. وقامت كل من قناة الجديد و قناة مكملين بإنتاج تقارير وجلسات حوارية حول المظاهرة.

النتائج

فيما يلي ملخص لنتائج المظاهرة بحسب موقعها الرسمي:

  1. بلغ عدد المشاركين 56٫382 شخصًا مع إشارة إلى أن الأرقام من جزر القمر «غير مؤكدة»، وأنه عند حذفها يصبح الرقم الكلي هو 56٫157. لكن بحسب بعض المواقع الإخبارية المقتبسة أعلاه فقد بلغ عدد المشاركين حوالي 13 ألفًا. ويبدو أن هذا الرقم اعتمد على نتيجة جزئية إذ إنها ليست متوافقة مع معطيات الموقع الرسمي للحملة، ولا يتوفر لدى المواقع الإخبارية الأخرى مصدرًا مستقلًا لهذه للمعلومات. الرقمان يختلفان بدرجة ملحوظة، لكنهما يظلان منخفضان نسبيًا مقارنة بالتوقعات، والمواقع الإخبارية التي علقت على أن التفاعل كان ضعيفًا اقتبست الرقم 13 ألفًا وليس 56 ألفًا.
  2. جاءت النتائج التفصيلية تمزج بعض الأمور المتوقعة مع بعض المفاجآت.
    • فمن حيث عدد المشاركين، حلّت المغرب في المرتبة الأولى تليها مصر والعراق وسوريا فالجزائر ثم تونس. ظهور هذه الدول في المراتب الأولى ليس عجيبًا، ذلك أن مصر والعراق وسوريا كانت خلال العقد الأخير بؤر تركز النشاط اللاديني ومن المتوقع وجود نشاط عالي فيها. أما حلول المغرب في المرتبة الأولى فقد يبدو غريبًا بعض الشيء، إن أخذنا الأرقام على علّاتها، لكن كثرة المشاركين من الدول المغاربية عمومًا ليس صادمًا. وذلك ليس فقط بسبب كثرة النشاط اللاديني في تلك الدول، وإنما لأن مبادرة الحملة انطلقت من تلك الدول، لا سيما من تونس. المغرب تفوق تونس من حيث عدد السكان، لكن الجزائر هي الأكثر تعدادًا، فالمسألة ليس اقترانًا يعتمد فقط تعداد السكان (وهو أمر سنراه في الرسم البياني الثاني الذي يظهر عدد المشاركين من كل دولة). المغرب بلا شك تشهد نشاطًا فكريًا كبيرًا ناقدًا للإسلام، وقد أنبتت تلك البيئة الخصبة شخصيات فكرية بارزة في السنوات الأخيرة، مثل هشام نوستيك (كافر مغربي)، وسعيد بنجبلي، وقاسم الغزالي ومحمد المسيّح. إضافة إلى مفكرين تنويريين من مثل أحمد عصيد وغيرهم. الرسم البياني الثاني هو تمثيل هذه الأرقام كخارطة.
نتائج التصويت في كل دولة

نتائج التصويت في كل دولة

خارطة توزع اللادينيين

خارطة توزع اللادينيين

    • عدد المشاركين المطلق لا يعطي تصورًا عن نسبة التصويت مقارنة بعدد السكان الكلي. الرسم البياني الثالث يوضح نسبة المشاركين في المظاهرة لكل عشرة آلاف نسمة في كل بلد. والصورة المتولدة تختلف كثيرًا عن العدد المطلق للمشاركين، حيث حلّت الكويت في المرتبة الأولى، وكانت جيبوتي وجزر القمر في المراتب الأولى! الكويت بلا شك لها باع طويل في الحراك الثقافي، وهو ما يترافق كثيرًا مع الظروف التي تؤدي إلى فحص المسلمات ومن ضمنها الدينية، لكن النسبة في الكويت تشير أن حوالي 6000 لكل عشرة آلاف شخص شاركوا في المظاهرة، وهي نسبة هائلة. والمسألة ليست فقط في الكويت طبعًا، لذا من الصعب أخذ هذه الأرقام مأخذ الجد واعتبارها ممثلة للوضع الحقيقي على أرض الواقع.
نسبة اللادينيين لكل عشرة آلاف

نسبة اللادينيين لكل عشرة آلاف

 

المنهجية

في هذه الدورة الأولى من المظاهرة كانت المعلومة الوحيدة التي تم جمعها هي بلد المشاركة فقط، والمقصود بذلك بلد المولد والذي ليس بالضرورة البلد الذي يعيش في المشارك لحظة المشاركة. فالهدف لم يكن جمع أي معلومات معرّفة عن الشخص، وإنما فقط المشاركة، وهي لذلك بحق كمسماها مظاهرة كالتي قد تحدث على أرض الواقع. كأي مظاهرة على أرض الواقع، من الصعب تحديد الحجم الحقيقي والطبيعة الديموغرافية للمشاركين. فيفترض النظر إلى الأرقام أعلاه، فيما عدا الرقم الكلي، بقدر كبير من الحذر، وحتى الرقم الكلي يأتي دون أي آلية محددة لتقدير نسبة الخطأ المحتملة. ولكن مع هذه الأمر، فالحق يقال أن القائمين على الحملة قد وفروا عددًا من الإجابات على بعض هذه الأسئلة وآلية المشاركة، حيث نجد إدراكًا لإشكالية الأرقام:

هل ستعكس أرقام المشاركين النسبة الحقيقية للادينيين؟

بالطبع لا وخاصة في أول سنة لها، حيث أن عدد المشاركين سيكون قليل ولكن نتوقع أن تتحسن المشاركة مع مرور السنوات خاصة بعد أن تنتشر هذه المظاهرة وتزداد ثقة الناس بجدواها.

ما الفائدة إذًا إن كانت لن تعكس النسبة الحقيقية؟

مجرد فكرة مشاركة أحد ما ولو كان شخص واحد وتعبيره عن وجوده هو أمر كافٍ لنا. وستكون هذه أول محاولة وأول تقييم أقرب ما يكون للواقع من ناحية حرية المشاركة وصدق جمع أعداد اللادينيين داخل الدول العربية.

كان من الواضح أنه تم بذل جهد لجعل التصويت شفافًا، فبدلًا من التوتر الذي يحدث عادة في عمليات التصويت السرية، فقد أضفى التحديث الفوري نوعًا من الإثارة والتشويق والذي كان فيه بعض التشجيع للمشاركة. ولتوضيح ذلك يقول الموقع:

ما هي كيفية المشاركة بالمظاهرة الإلكترونية؟

عند دخولك الموقع وفي الصفحة الأولى ستجد شرح كامل حول المظاهرة ونافذة لتأكيد رغبتك بالمشاركة بموافقة مستنيرة، عند الدخول سيجل عدد الداخلين كأرقام على شكل عدادات على الصفحة. وفي حال دخولك باستخدام VPN ستسطيع اختيار بلدك. الموقع الإلكتروني سيقوم باحتساب أعداد كل من يدخل للموقع، ومن ثم يعكس الموقع مباشرةً أعداد من يدخلون على شكل أرقام (عدّادات) على الصفحة الرئيسية حسب الدولة التي دخلت منها أو اخترتها.

وكان ثمة إجابات تتعلق بمصادر قلق مشروع لدى المشاركين حول موثوقية ونزاهة التصويت:

كيف نضمن ألا يدخل متدينون للموقع بدافع الفضول أو غيره؟ فتزيد الأعداد زيادة غير صحيحة؟

لا ضامن غير رفض وإنكار المتدينين وبالتأكيد عدم سعيهم لزيادة أعدادنا بدخولهم.

كيف نضمن عدم وجود تصويت ضخم عبر آليات تصويت إلكتروني، لتصخيم حجم الأصوات؟

سنضيف Captcha وهي وسيلة للتحقق من أنك لست روبوتًا قبل أن تدخل للصفحة الرئيسية، أما من سيستخدم في بي إن VPN، لزيادة عدد التصويت، فهذا لا يمكن منعه، ولكن في النهاية، كم شخص مستعد لهذا الفعل؟ وما نسبتهم؟ وكم مرة سيستطيعون القيام بهذا؟

اتسمت المظاهرة بالعفوية، فقد تمخضت من حماسة بعض الناشطين وكان التنظيم على منصة كلوب هاوس بشكل أساسي، وهو البؤرة الأساسية، مما يضع بعض القيود والمحددات على طبيعة من شارك. فرغم أن الحملة انطلقت من كلوب هاوس إلى تويتر ويوتيوب وفيسبوك وغيرها، إلا الحركة الأصلية على كلوب هاوس يبدو أنها صبغت نوعية ومصدر المشاركة الفعلية. وبلا شك، فإن حدثًا دوريًا كهذا، إن استمر، ستتغير طبيعته مع الوقت وتتحور، وستتراكم الخبرة التنظيمية وبسبب التوقع السنوي ستكون المشاركة أكثر معنوية. وما نرجوه هو أن يتمكن القائمون على الحملة من استيعاب دروس هذه المحاولة الأولى ليتفادوا المشاكل التي حصلت ولجعل المرات القادمة أكثر فعالية، وربما كان عليهم إعادة النظر في آلية المشاركة بشكل يحسن طريقة جمع المعلومات دون تنفير المشاركين من استمارات تطلب معلومات قد لا يرغب الكل بالبوح بها.

عرفان وتقدير

نقلًا عن DW و22feb22.net وصفحة الحملة على الفيسبوك.